من سؤال لفضيلة الشيخ / عبد الرحمن السحيم
السلام عليكم شيخنا الفاضل
لقد طُرِح عليّ سؤال من نصرانى قال لي : لماذا المسلمون لا يأكلون لحم الخنزير ؟ وما هي الأسباب ؟ هل لأنه حرام ، أم يوجد فيه أمراض ؟
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك
أولاً : الشريعة الإسلامية جاءت بتحقيق مصالح العباد في دِينهم ودُنياهم وبتكميلها ، كما جاءت بتقليل المفاسد وإعدامها .
فلا يُؤمَر بشيء في الشريعة الإسلامية إلا ومصلحته مُتحققة أو راجحة ، ولا يُنهَى عن شيء إلا ومفسدته مُتحققة أو راجحة .
والله سبحانه وتعالى أباح لِعباده الكثير من الطيبات وحرّم عليهم الخبائث .قال ربنا تبارك وتعالى في صِفة نبيِّـه صلى الله عليه وسلم : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) .
ثانياً : بالنسبة للخنـزير ، ففيه أضرار بالغة يُدركها الذين يأكلونه قبل غيرهم ! وقد حدثني بعض أبناء المسلمين الذين يُقيمون في أوربا ، قال : سألتنا مرّة مُدرِّسة : لماذا لا تأكلون لحم الخنـزير ؟ قال : فقلنا لها : انظري إلى ساقيك وسوف تعرفين الجواب !
يقول : فنظرت إليهما ، ثم أطرقتْ خجلاً لما رأت آثار كثرة أكل لحم الخنـزير ، وقد ظهرت بعض العروق بارزة ، وظَهَر تعرّق في عضلات ساقيها !
ثالثاً : أثبت الطب الحديث ضرر أكل الخنـزير ، وذلك الضرر لا يُمكن أن يُزال ، بدليل ما توصّل إليه الطب اليوم ولا زالوا يعترفون أن لحم الخنـزير ضار ، وضرره مُتحقق !
وضرره راجع إلى كونه الحيوان الوحيد الذي يأكل رجِيعه ومُخلّفاته . وكنت قرأت قبل سنوات موضوعاً عن أضرار أكل لحم الخنـزير ، أسوق طرفاً منها :
وعموماً يمكن إيجاز أهم أضراره فيما يلي :
1 - كثرة الديدان في لحم الخنزير ، ومنها دودة ( تينيا سويلم ) التي تنتقل للإنسان وتسبب مغصاً وإسهالاً وقيئاً ، وأحياناً تنتابه نوبات صرعية وتشنجات عصبية قوية ، وكثيراً ما تتلف العين أو بعض أجزاء المخ فتفسدها فيحدث شلل للمريض ، والإصابة بها تنتشر في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا.
2 - لحم الخنزير ينقل مرض ( التريخينا ) الذي تنتج عنه آلام شديدة والتهابات عضلية مؤلمة تدعو إلى انتفاخ النسيج العضلي وصلابته وتكون نتيجة ذلك الأورام التي تمتد بطول العضلات ، ويصاب بهذا المرض حوالي 47 مليون شخص بالولايات المتحدة ،ونسبة الوفاة به30%.
3 - كثيراً ما يأكل الخنزير الفئران الميتة التي غالباً ما تكون عضلاتها مكاناً لأجنة دودة تسمى ( تريكينا اسباير المن ) ، وعند انتقالها للإنسان يصاب بمرض شديد فترتفع حرارته ويعتريه إسهال وقيء وتلتهب جميع عضلاته فلا يقدر على تحريكها ، ويصير لمسها مؤلماً ولا يقوى على تحريك عينيه ، ويصعب عليه التنفس لالتهاب عضلاته ، حتى يموت.
4 - لحم الخنزير أعسر اللحوم هضماً باتفاق العلماء ، وذلك لأن أليافه محاطة بخلايا شحمية عديدة أكثر من الحيوانات الأخرى المباح أكلها ، وهذه الأنسجة الدهنية والتي ترتفع بها الأحماض الدهنية المشبعة خاصة حمض ( البالمتيك ) تحول دون العصير المعدي فلا تسهل عليه هضم المواد الزلالية للعضلات فتعب المعدة ويصبح الهضم عسراً.
5 - يحذر الأطباء من تناول منتجات الخنزير لأنها تسبب الأمراض التالية :
أ - الالتهاب المخي السحائي وتسمم الدم : بسبب الميكروب السبحي الخنزيري الذي اكتشف عام 1967م ، ومن كتب له الإفلات من الموت بهذا المرض أصيب بالصمم الدائم وفقدان التوازن ( الترنح ) .
ب - الدوسنتاريا الخنزيرية ( البلانتديازس ) : تسبب إسهالاً للإنسان دوسنتاريا مصحوبة بمخاط ودم مع ارتفاع درجة الحرارة ، وقد يثقب القولون فتحدث الوفاة .
ج - انفلونزا الخنزير : كان أخطر وباء أصاب العالم من هذا المرض عام 1918م حيث قُتل حوالي 20 مليون نسمة ، وقد خافت أمريكا عام 1977م من هذا الوباء الذي أطل برأسه ، وصَدَرَ أمر بتطعيم كل أمريكي بالمصل الواقي من هذا المرض ، وتَكَلَّف برنامج التطعيم حوالي 135 مليون دولار.
د - التسمم الغذائي الخنزيري : يَحدُث بسبب سرعة تحلل وفساد لحم ودهن الخنزير بفعل الجراثيم إذا تُرِك ولو لمدة قصيرة من الوقت دون تبريد.
هـ - ثعبان البطن الخنزيري (الاسكارس) : اكتشفت إصابة الإنسان بهذا المرض في صيف عام 1982مفي جنوب الولايات المتحدة بسبب التعرض المباشر للخنزير أو أكل المواد الملوثة ببرازه.
و - دودة المعدة القرصية : تنتقل من الخنزير إلى الإنسان وتسبب حدوث إسهال والتهاب المصران الغليظ (40% من سكان ولاية آسام في الهند مصابون به) .
ز - دودة الرئة الخنزيرية : تعيش في رئة الخنزير وتنتقل منه للإنسان .
حـ - الدوسنتاريا الآميبية الخنزيرية : تحدث بسبب نقل العدوى للإنسان من الخنزير.
اعتقاد خاطئ : يقول رئيس قسم التغذية والكيمياء بكلية الطب في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية :
1 - يظن البعض أنه لو طبخ الخنزير فإن خطر مرض الدودة الوحيدة (تينيا سويلم) يزول ، والحقيقة هي غير ذلك فقد أجريت عدة تجارب على 24 حالة مرضية وتبين أن 22 حالة منها كان سببها لحم الخنزير المطبوخ.
2 - يعتقد بعض الناس أن دهن الخنزير يحتوي على نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة ، ولذا فإنه صالح للتخلص من الكوليسترول وبالتالي فهو صالح للنوبات القلبية كما يَدّعون ، والحقيقة أنه وإن كان دهن الخنزير فيه نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة فإن هذه الأحماض موجودة على موضع واحد وثلاثة من الجلسريد ، ولذلك فإنها لا تتحول ولا تهضم واسطة العصارة البنكرياسية ولكن الجسم يمتص هذه المواد وتترسب فيه على أساس أنها دهون خنزير ولا يمكن الاستفادة منها.
3 - ومنهم من يعتقد أن لحم الخنزير مُفيد ومغذٍّ ولذلك يجب على المرء أن يستمر في أكله كمصدر للبروتين الحيواني ، والحقيقة أن لحم الخنزير يحتوي على بروتين حيواني ولكن كما يقول الدكتور (أ.س باريت ) في كتابه : (أمراض أطعمة الحيوانات) فإن لحم الخنزير هو أصعب اللحوم هضماً ، وهذا يعني أن القيمة البيولوجية والغذائية له قليلة جداً أي أن الإنسان يدفع ثمن اللحم الغالي ولا يستفيد منه .
4 - يقول بعض الناس : إن تحريم الخنزير جاء في الجزيرة العربية لأسباب صحية ! أما اليوم فإن الخنزير يعيش في بيئات وتحت شروط صحية ، لكن الحقيقة أن الخنزير بطبيعته حيوان قذر ونجس ، وهو يعيش دائماً في المناطق الموبوءة والنجسة وأماكن القاذورات ليعيش عليها ، كما أنه يتبع الماشية وبقية الحيوانات كي يأكل مما يتساقط منها دماً وبرازاً.
5 - يقول البعض : جاء تحريم الخنزير في الجزيرة العربية لأنها صحراء قاحلة وحارة ، وهذا يعني أن الناس الذين يعيشون في الصحراء فقط يصيبهم الإسهال واضطرابات القناة الهضمية ، بينما لا يصيب الذين يعيشون خارج الجزيرة العربية أية اضطرابات
والجواب على هذا : أن الخنزير هو الحيوان الوحيد الذي تتداخل دهون لحمه بشكل عالٍ ، وليس هناك أية وسيلة لفصل دهنه عن لحمه ، وإن ارتفاع نسبة الدهون في الأطعمة يسبب الإسهال في الطقس الحار ولكنه أيضاً يسبب أمراضاً أخرى مثل القلاع (بثور في الفم) وفي مناطق أخرى ، خاصة انخفاض كمية الكالسيوم في الجسم حيث تصبح عظام الأسنان معرضة للإصابة بالكسر بسرعة .
رابعاً : بعد هذا كله يُعلَم حِكمة التشريع الرّباني .
كما يُعلَم معه أن هذا التشريع الذي نزل قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة ، ليس من عند البشر ، بل هو من عند رب العالمين ، فالخنـزير لم يكن معروفا عند العرب ، ولا هو من حيواناتهم ، كما لم يكن لديهم من الطب ما يكشف هذه الحقائق ..
ومع ذلك نـزل هذا التشريع في ذلك الوقت .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد
منقول للفائدة