عدد الرسائل : 734 العمر : 124 البلد : سمائي السابعه المستوى التعليمي : ثانوي نفاعل الأعضاء : تاريخ التسجيل : 03/12/2007
موضوع: مواقف ومواعظ لابى بكر الصديق ....منقول الثلاثاء يونيو 24, 2008 9:44 am
تاريخنا الإسلامي عباقرة في الحكم والسياسة وفنون القتال والعبادة والعلاقات الإنسانية، إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ووهبوا أنفسهم لنصرة دينه الذي ارتضاه للبشرية جمعاء، فقد اختارهم الله سبحانه وتعالى لإعلاء الحق ودحض الباطل وبحكمتهم وقوة ايمانهم وحسن قيادتهم أعز الله الإسلام ونشره في معظم بقاع الأرض.
من ابرز قادة المسلمين ورجالهم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليلأبو بكر الصديق رضي الله عنه، فهو الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما عرضت الإسلام على أحد إلا كانت له كبوة، عدا أبي بكر فإنه لم يتلعثم”، وهو الصديق
الذي اشتهر بمقولته عن رسول الله: “إن كان قال فقد صدق” قالها حينما عاد من تجارة له في الشام، واستقبله بعض كفار قريش بنبأ نزول الوحي على صاحبه محمد بن عبد الله، قال ذلك قبل أن يرى رسول الله أو يسمع منه، ثم قالها أيضا عندما اخبروه بأن صديقه محمد يقول بانه قد أسري به إلى بيت المقدس، ولم يكن قد قابل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سمع منه شيئا، فقد ألجمهم بمقولته: “إن كان قال فقد صدق”، وقال ردا على تعجبهم من أن النبي ذهب ليلا وعاد في الليلة ذاتها: “أي بأس إني لأصدقه فيما هو ابعد من ذلك، أصدقه في خبر السماء يأتيه في غدوه أو رواحه”.
قائد حكيم
ذاك هو الصديق الذي أنقذ المسلمين من متاهة كادت تضعف إيمانهم وتزلزل كيانهم يوم وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد كان صعبا على المسلمين تصديق وفاة الرسول، حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقف بين الناس قائلا: إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله مات، وانه والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران.
في تلك اللحظة جاء أبو بكر لينقذ الموقف بشجاعته وثباته رغم شدة حزنه على النبي صلى الله عليه وسلم، ووقف أبو بكر في الناس خطيبا وقال: “أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت” ثم تلا الآية: “وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم”.. (آل عمران: 144).
في تلك اللحظة قال عمر بن الخطاب: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فقعدت حتى ما تقلني رجلاي وحتى أهويت إلى الأرض وعرفت حين سمعته تلاها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، وعقب عبد الله بن مسعود راوي ما حدث فقال: والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله انزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس كلهم، فما نسمع بشرا من الناس إلا يتلوها.
في ذلك الموقف الرهيب تجلت حكمة أبي بكر وفي سقيفة بني ساعدة وضحت تماما قدرته على قيادة الناس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فحينما علم باجتماع الأنصار في السقيفة لاختيار خليفة من بينهم أسرع إليهم ومعه عمر بن الخطاب حتى لا تحدث فتنة بين المهاجرين والأنصار، وقام خطيب الأنصار فأشار إلى ما للأنصار من فضل في نصرة الإسلام ، ولما اراد عمر أن يرد عليه طلب منه أبو بكر أن يترك له المجال ، وتكلم أبو بكر فقال: اما بعد، فما ذكرتم من خير فأنتم أهله ولم تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبا ودارا ، وقد رضيت لكم احد هذين الرجلين أيهما شئتم ، وذكر عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح وكثر اللغط وقال أحد الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، وهنا تدخل عمر بن الخطاب وطلب من أبي بكر أن يمد يديه إليه فبايعه عمر وبايعه المهاجرون ثم الأنصار. وقفة شامخة
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وقعت أحداث مؤسفة خارج المدينة ومكة المكرمة فقد ارتدت أحياء كثيرة من العرب مبتدئة بمنع دفع الزكاة إلى خليفة رسول الله، واشتد عود مسيلمة الكذاب الذي كان يدعي النبوة والتف حوله خلق كثير، كما ادعى النبوة طليحة الأسدي الذي سانده بنو أسد وطيء وهدد المرتدون بغزو المدينة المنورة، وأمام هذه الأحداث المؤلمة وقف الصديق رضي الله عنه شامخا وكأن الله اختاره لقيادة المسلمين في ذلك الوقت العصيب لينقذ الإسلام من آلاف السهام الموجهة اليه.
ففي الوقت الذي كان يرى فيه فريق من الصحابة أن امتناع الناس عن دفع الزكاة لا يبرر قتالهم خاصة أن الذي يقود هذا الفريق هو عمر بن الخطاب رأينا الصديق يرفض هذا الرأي تماما، ويرى أن منع الزكاة بداية ردة عن الإسلام فقد روى أبو هريرة أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر : علام نقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله لا الله وأن محمدا رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها”، فقال أبو بكر: والله لو منعوني عناقا ( وفي رواية عقالا ) كانوا يؤدونه إلى رسول الله لأقاتلنهم على منعه ، إن الزكاة حق المال والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، قال عمر : فما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت انه الحق .
لقد تجلت عبقرية أبي بكر أيضا ووضحت صلابته في الحق وقوة عزيمته وتقديره الصائب للأمور في إصراره على إرسال جيش أسامة بن زيد إلى الشام لقتال الروم تنفيذا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، فقد أشفق بعض الصحابة على المسلمين من احتمال غزو بعض جيوش المرتدين للمدينة دون أن يكون بها جيش يحميها، وأشار بعض الصحابة على الصديق أن يؤجل بعث جيش أسامة وكان من بين من أشار عليه بذلك الصحابي الجليل عمر بن الخطاب، فامتنع وقال :”والله لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أن الطير تخطفنا والسباع من حول المدينة ولو أن الكلاب جرت بأرجل أمهات المؤمنين لأجهزن جيش أسامة، وآمر الحرس يكونون حول المدينة”.
وتم تجهيز جيش أسامة وبعثه لقتال الروم في الشام فكان الجيش كلما مر بحي من أحياء العرب الذين أوفدوا وأصروا على منع الزكاة إلا قالوا: ما خرج هؤلاء من قوم إلا وبهم منعة شديدة، وتأكد لصحابة رسول الله صواب رأي أبي بكر في بعث الجيش.
ولكي يؤمّن أبو بكر المدينة ضد الغزاة فقد لجأ إلى نظام الحراسة الليلية فجعل حراسا حول المدينة يقضون الليل كله بما معهم من الجنود، وكان من أمراء الحراس علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود، ولقد أغار بعض الأعراب على المدينة فتصدى لهم أبو بكر فانهزموا وفروا إلى “ذي القصة”، وبعد أيام تبعهم أبو بكر وقضى على فتنتهم.
وكانت مطاردة المرتدين في وادي “ذي القصة” بداية معارك المسلمين ضد المرتدين فما أن قدم أسامة بن زيد من الشام حتى أمّره على المدينة وخرج بجيوش المسلمين يريد حرب المرتدين كافة، فجاءه علي بن أبي طالب واخذ بزمام راحلته فقال: إلى أين يا خليفة رسول الله؟ أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد: “شمْ سيفك فوالله لئن أُصبنا بك لا يكون للإسلام بعدك نظام أبدا”، ورجع أبو بكر إلى المدينة بعد أن عقد الألوية لأحد عشر قائدا في وقت واحد ليحاربوا المرتدين كافة.
وما إن انتهت حرب الردة حتى بدأ أبو بكر في غزو بلاد الفرس، فقد انتدب لذلك اعظم قواده خالد بن الوليد، وعياض بن غنم، وأطبق كل منهما على جيوش الفرس حتى التقيا، وكان النصر للمسلمين في كل معاركهم فلما انتهوا وجههم أبو بكر لقتال الروم في بلاد الشام ، وكان أبو بكر قد اختار أربعة من القادة المسلمين لافتتاح بلاد الشام وهم: عمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان، وأبو عبيدة بن الجراح ، وشرحبيل بن حسنة، وتخير لكل منهم جنده، وأمر كلا منهم أن يسير بجنده في طريق سماه لهم وعين لكل منهم الولاية التي يتولاها بعد الفتح، ثم تقابلت الجيوش في اليرموك وأمدهم أبو بكر بخالد بن الوليد وجيشه، وفي واقعة اليرموك جاء بريد المدينة بوفاة أبي بكر وخلافة عمر، وفي البريد عزل خالد بن الوليد من قيادة الجيش وتولية أبي عبيدة بن الجراح فلما انتهت المعركة بالنصر للمسلمين سلم خالد قيادة الجيش لأبي عبيدة..رحم الله أبا بكر وجزاه عن المسلمين خير الجزاء