مرقى الصعود .. علي عبده الحزمي

اصدع بأمرك يا فتى فالحق والمستضعفون وفطنة الأسلاف جندك والعتاد.. آن الآوان لكي تعيد لشفرة الحق المبين جلال هيبته، وتزرع في النفوس الظامئات سماتها الأولى على أنقاض أوهام التوجس والمحال.. آن الأوان فمهجة الإخصاب والشجر النحيل تسومها البقر العجاف وصفرة القات وخشية الآتي من زمن التردي والرماد.. وكلما اشتد الوجيب بها تيمم الشوق الجريح إلى مداك وتتجه أبدًا إليك.. وكلما همَّ المغول بهدم معبدها وراود الحطّاب معصمها رنت إلى ما خبأت في الغيم من أحلامها فلا تجد أحدًا سواك.. فمن سيصيخ مسمعه لأنات الشُّقوق على التراب؟ ودمعها الحجري يهمس للبروق: متى الغيوم تجود بالأمزان تكفي الأرض من ذلِّ المواجع والسؤال؟
***
هذا أوانك كي تعيد خزائن الحق الذي احتجبت ملامحه وضاعت بين أكوام الخطيئة والرعاع، وبين من خارت قواهم تحت أرزاء التواكل والتجاهل والعتيق من القيود.. هذا أوانك أنت وحدك لا سواك اليوم يقدر أن يطهّر ساحة الأمجاد من عبث التتار وبطشة الهكسوس والآتين من جحر البلادة والتخلف والجمود فأزح غبار الخوف عن ياقوتها المطمور ما بين التردد والضياع أوقظ بها الغافين من نوم القرون.. هذا أوانك أنت لا تركن إلى أحد أتاك.. فمن سواك عساه يملك أن يقود مواكب التطهير والأمل الكبير؟ وأي غطريف سواك لديه حنكة القعقاع كي يجتاز أسوار المتاهة في مفازات القبائل والصراع؟
***
ابدأ مسارك لا تقلَِِّّب كفك البيضاء لا تترك هواجس خيرة الضعفاء تنازعك الإرادة تسلب كلَّ ما أمضيت تجمعه من العزم اليقين، امض فلن يجديك إصغاء إلى تهويل عرّافي القبيلة.. ولتبتدئ خطواتك الأولى لتدرك أن خيطًا واهيًا قد دام يفصل بين مشوارين هما أمامك يفضيان: إما إلى سبل النجاة أو إلى تكرار مأساة «العرم» حيث الفجيعة يصنع «الفئران» منها مهرجانًا للبلاهة والجنون.
***
اصدع بأمرك، امتطِ فرس الإرادة وامضِ في مرقى الصعود، واصل لآيات التجلي والرؤى المشدودة الأهداب إلى فلك النجوم .......؟ بوثبتك الأهم مسارك الوردي وأرصدة المحبة والفخار. هيا تقدم نحو مسلكك الذي أيقنت أن طريقه يفضي إلى حيث التألق والتحصن من سموم الكيد والأهواء، من خدر التمني والتصنيع والوجوم وصانعي التبرير واللغو الهزيل هيا تقدم يا فتى فلا خيار تصطفيه سوى الذي يهدي إلى برِّ العدالة والأمان، ولا سبيل إلى التراجع عن مسار الارتقاء، أو سمِّه إن شئت: درب الأقوياء.